الجمعة، 3 فبراير 2012

ما هو الألتراس ؟


ما هو الألتراس ؟
الألتراس.. الكلمة الأكثر تناولا في وسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية، الجميع يحلل وينقد، بل ويصدر أحكاما بالجملة قبل أن يفكر ويبحث في ماهية الألتراس، في استادات كرة القدم بجميع أنحاء العالم يطلق عليهم اللاعب رقم 12 لما لهم من قوة وتأثير داخل وخارج المدرجات وفي وسائل الإعلام المصرية ينعتونهم بالمتعصبين والمخربين بل وفي بعض الأحيان بالكفرة والملحدين

تتسع مدرجات استادات الرياضات المختلفة للملايين من المشجعين، وبنظرة واقعية قد يتعدي تعداد مشجعي الرياضات المختلفة لأكثر من ثلث سكان الكرة الأرضية علي أقل تقدير، من بين تلك الملايين المنتمية لفرقها والتي لا يستطيع أحد التشكيك في حبها وولائها تجد مجموعات الألتراس والتي تعَّدت مجرد الانتماء لناد وتشجيعه في السراء والضراء إلي ما هو أبعد وأعمق من ذلك، يجمعهم الحب والإحساس للمجموعة وولاء كل منهم لناديهم والأكثر من ذلك انتماؤهم لفئة وكلمة أعم وأشمل - الألتراس - والتي يعدونها إحدي نماذج الانتماء والولاء والعمل الجاد من أجل تحقيق النجاح

ترفض المجموعة تلقي الأموال من الأندية حتي تكون مستقلة رافعين شعار أنهم ليسوا للبيع ولا ينتمون لأشخاص

النشأة والتاريخ
لعل البرازيليين هم أصحاب السبق في تكوين مجموعات التشجيع المسماة بالتورسيدا
والتي انطلقت في أوائل أربعينيات القرن الماضي والمعروفة بالقوة والعصبية لفرقها وتشبه في تنظيمها العصابات إلي حد كبير أبرزهما مجموعات المانشا فيردا واليانج فلو،

دخلت الألتراس أفريقيا مع بداية الألفية الثانية عن طريق دول الشمال الأفريقي المميزة بقوة مشجعيها واهتمامها الجنوني بكرة القدم، وكان التوانسة أصحاب الريادة في هذا المجال وبالأخص الترجي والافريقي التونسي الذي يضم الأول ثلاثة مجموعات تشجيع هي بترتيب التأسيس «المكشخين - السوبراس - والبلود أند جولدي» و «الأفريكان وينرز والليدرز كلوبيست» المحسوبين علي الأفريقي التونسي، تلاها في ذلك المغرب الذي يحتوي اليوم علي أكثر من 50 مجموعة ألتراس يتقدمهم مجموعة الوينرز «الوداد البيضاوي» والجرين بويز «الرجاء»، الأمر الذي ساهم في دخول الألتراس مصر في أوائل عام 2007 وتحديدا في مباراة الزمالك والهلال السوداني التي شهدت ظهور أول علم ضخم كتب عليه كلمة ألتراس.

وتعتبر ألتراسWhite Knights «الفرسان البيضاء» وألتراس أهلاوي Ultras Ahlawy أكبر وأول مجموعات الألتراس المصرية تشجع وتؤازر علي الترتيب نادي الزمالك والأهلي في أكبر وأعرق ديربي أفريقي بين الناديين تبعتها العديد من المجموعات مثل ألتراس ديفلز Ultras Devils بالإسكندرية وألتراس 300 التي تساند وتشجع فريق طنطا في دوري الدرجة الثانية! وألتراسYellow Dragon «التنانين الصفراء» المحسوبة علي نادي الإسماعيلي. ومنذ انطلاق الألتراس في مصر لمس الجميع تغيرا في أسلوب التشجيع والغناء وكذلك السفر خلف الفريق لمسافات كبيرة واللوحات الفنية والكرنفالات في بداية المباريات وخاصة المباراة الأهم بين الزمالك والأهلي في ديربي العاصمة.

عقلية وثقافة الألتراس Ultras Mentality
أكثر الأمور إثارة للجدل والدراسة عقلية وثقافة الألتراس، تلك المبادئ التي ترسم خطا موحدا لجميع المجموعات في العالم لتجعلها وكأنها كيان واحد يتحرك نفس التحرك في ردود أفعال شبه موحدة والتي قام الإنترنت حديثا بدور البطولة في توحيد اتجاهات الألتراس وفي رسم شخصية عامة لفرد الألتراس والمجموعات علي اختلاف الأجناس والاتجاهات، كما ساعد أيضا علي التعاون وتكوين صداقات دولية بين المجموعات المختلفة وتقديم يد العون للمجموعات حديثة النشأة فيما يشبه مدرسة كبيرة يتعلم فيها الجميع نفس المبادئ والمناهج. وتشترك جميع مجموعات الألتراس في أربعة مبادئ رئيسية وعلي أساسها يتم الحكم علي المجموعة إن كانت مجموعة ألتراس حقيقية من عدمه وهي:

عدم التوقف عن التشجيع والغناء طوال التسعين دقيقة من عمر المباراة أيا كانت النتيجة: ولمجموعات الألتراس أسلوب متفرد في التشجيع يتشكل حسب شخصية النادي وثقافة البلد الأم ففي الأرجنتين والبرازيل ينتشر استخدام أعداد كبيرة من الطبول وآلات الإيقاع التي تعزف ألحانا أقرب إلي أغاني السامبا التي تشتهر بها أمريكا اللاتينية، أما في أوروبا فتعتمد مجموعات الألتراس علي الأداء القوي للأغاني والأهازيج تتخلله حركات مميزة لإرهاب الخصوم. ويقود التشجيع عادة قائد تشجيع «كابو - Capo » والذي يكون مسئولا عن اختيار الأغاني والهتافات وتوقيتها وحركات الأيدي والتشكيلات وعادة ما يخصص بالاستادات مكان مرتفع للكابو ليتمكن المشجعون من متابعته والالتزام بتعليماته أثناء سير المباراة، ولا تتوقف مجموعات الألتراس عن الغناء أثناء خسارة فريقها حتي بنتيجة ثقيلة فتشجيع الفريق واجبة للحفاظ علي هيبة اسم النادي ومكانة وقوة مدرجاته، ولإبراز الوفاء المنقطع النظير.

عدم الجلوس نهائيا أثناء المباريات: مجموعات الألتراس تحضر مباريات فريقها لهدف واحد فقط التشجيع والمؤازرة المتواصلة حتي صافرة نهاية المباراة، لا يذهبون من أجل متعة الفرجة والمتابعة اللذين يعدونهما من أفعال المشجعين العاديين غير المنتمين للألتراس، وفي الغالب يقضي أفراد المجموعة أغلب أوقات المباراة ظهورهم للملعب منهمكين في التشجيع والغناء فالاستاد بالنسبة لهم مكان للتشجيع فقط لا غير!

حضور جميع المباريات الداخلية والخارجية أيا كانت التكلفة والمسافة: يعتبر الترحال «أو التنقل كما يطلق عليه في دول الشمال الأفريقي» خلف الفريق إحدي الواجبات الأساسية لمجموعات الألتراس والتي تقوم بتنظيم وحشد الجماهير لحضور المباريات خارج مدينة الفريق مستخدمة أرخص وسائل النقل، وتقوم مجموعات الألتراس بعمل cortege موكب أو مسيرة تضم أفراد المجموعة خلف الباشbatch أو اللافتة التي تحمل اسم وشعار المجموعة لإعلام أهل المدينة الأخري أن لفريقهم مشجعين أقوياء يسافرون خلف فريقهم في أي مكان وأيا كانت التكلفة كماتساعد أيضا علي زيادة شعبية الأندية وانتشار ثقافة الألتراس وحب كرة القدم بوجه عام.

الولاء والانتماء لمكان الجلوس في الاستاد: لما كانت مهمة مجموعات الألتراس التشجيع وليس متابعة سير المباريات فكان لزاما عليهم اختيار منطقة مميزة داخل المدرجات يبتعد عنها المشجعون الكلاسيكيون وتنخفض فيها أسعار التذاكر، المنطقة العمياء أو الكورفاCurva بالإيطالية والفيراجVirage بالفرنسية هي ذلك المنحني خلف المرمي الذي اختارته مجموعات الألتراس ليكون مكانا خاصًا للتشجيع والمؤازرة وتعليق الباش Batch أولافتة المجموعة التي عادة ما تحمل اسم وشعار المجموعة وتحمل أكبر من ذلك «شرف المجموعة نفسها»، وتنقسم الكورفا إلي كورفا نورد Curva Nord أو الكورفا الشمالية «مدرجات الدرجة الثالتة شمال المقصورة باستاد القاهرة» والكورفا سود Curva Sud أو الكورفا الجنوبية «مدرجات الدرجة الثالثة يمين المقصورة بإستاد القاهرة»، وتخصص الاستادات العالمية أماكن ثابتة للأندية للمحافظة علي ولاء مجموعات التشجيع لمكان جلوسها التي اعتادت عليه الذي قد يلتصق بمجموعات الألتراس إلي حد إطلاق اسمه علي المجموعة كألتراس كورفا سود المحسوبة علي الميلان والكورفا نورد المؤازرة لنادي اتلانتا والتي تعتبر من أقدم وأعرق المجموعات في ايطاليا والعالم .

ولا يوجد لمجموعات الألتراس رئيس بعكس جميع أنواع روابط التشجيع، بل تتكون من مجموعة من المؤسسين الذين سرعان ما ينزوي دورهم بعد أن تصبح المجموعة قادرة علي الوقوف علي أرض صلبة، ويدير العمل داخل الألتراس مجموعات عمل صغيرة الـTop Boys والتي تختص كل منها بتنظيم أنشطة المجموعة من تصميم وتنفيذ اللوحات الفنية وقيادة التشجيع داخل المدرجات وتنظيم الرحلات والإشراف علي مصادر تمويل المجموعة والتي يتسابق فيها أفراد الألتراس لتقديم كل إمكانياتهم وخبراتهم في الحياة العادية لخدمة المجموعة ولإنجاز العمل المكلف به علي أكمل وجه. ونري هنا التركيز الدائم علي تحرك المجموعة ككتلة واحدة وفرد واحد، فقيمة الفرد تتلخص فيما يقدمه من جهد وعطاء للمجموعة، فنراهم دائما ملثمي الأوجه غير محبين للتصوير الفردي ولا الظهور الإعلامي فالأضواء المسموح لهم أن يكونوا تحتها فقط أضواء الملاعب خلف المرمي مشجعين فريقهم طوال التسعين دقيقة من عمر المباراة. وتصف الألتراس أفرادها بأنهم أفراد لا تخطئهم عيناك مثابرون يتحلون بروح الشجاعة والإقدام والتحدي والاستعداد لبذل أي شيء من أجل إعلاء اسم ناديهم وجمهورهم وفرد الالترا يدافع عن نفسه فقط عند وقوع الخطر ولا يهاجم أحدًا وإذا هاجم ينتقل إلي فئة أخري «الهوليجانز» ويبتعد بذلك عن مبادئ الألتراس القائمة علي الدفاع، ويعتقد أعضاء الألتراس حول العالم فيما يسمي روح الالترا Ultras Spirit ، فرد الالترا يولد بتلك الروح ولا يستطيع تعلمها مهما حدث ويصفونها بأنها تلك الروح المقدامة المثابرة العالمة في صمت وجهد لتحقيق أهداف عظيمة لا يتم انجازها إلا إذا انصهرت أرواح أفراد المجموعة في كيان واحد تحت علم ناديها ضد الجميع من وسائل الإعلام التي تهاجمهم باستمرار وضد الفرق المنافسة وأحيانا ضد المخربين من أبناء النادي أنفسهم لذلك يطلقون علي أنفسهم "خط الدفاع الأخير" الذي يدافع عن كرامة واسم النادي الذي ينتمون إليه ويحملون علي عاتقهم الحفاظ علي الصورة المشرفة لجماهير ذلك النادي الذي عشقوه وترجموا هذا العشق بأفعال يشهد الجميع بها.

الدخلات واللوحات

من أبرز ما يميز الألتراس عن جميع مجموعات التشجيع الدخلات واللوحات الفنية «Tifo » التي يقومون بها في بداية المباريات أو خلال سير المباراة، والتي بدأت مع انتشار ثقافة الألتراس في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات. وتكثر الدخلات واللوحات الفنية في مباريات ديربي المدن والكلاسيكو والتي يعدها البعض مباراة الجماهير الحقيقية التي تتنافس فيها مجموعات الألتراس قبل وأثناء المباريات لتقديم أفضل ما لديها في المدرجات لتشعل حماسة لاعبيها أو لإرهاب لاعبي الخصم أو السخرية منهم ولإظهار الإبداع الفني للجماهير ومجموعات الألتراس. وهناك العديد من أنواع الدخلات تختلف باختلاف خامات الصنع مثل الخلفيات المرسومة والأعلام الضخمة أو الشرائط البلاستيكية والورق الملون الذي يحمله كل مشجع ليرسم لوحة كبيرة ضخمة أو يكتب شعارا أو يقوموا بعرض للألعاب النارية pyroshow باستخدام الـHand Flare الشعلات المحمولة والمعروفة في الوطن العربي بالشماريخ أو الكراكاج. وتستخدم الشماريخ في الأساس في الإنذارات البحرية لذلك فلا يتم إطفاؤها بالماء وتنتشر في المدن الساحلية بكثرة ويتم تقييمها علي أساس مدة الاشتعال وقوته التي قد تصل في بعض أنواع الشماريخ لأكثر من مئة ألف شمعة يتم إشعالها عن طريق فتيل يسحب باليد ليبدأ بعدها الشمروخ في التوهج والإضاءة.
مصادر التمويل

التمويل أحد ألغاز عالم الألتراس فغير المتابع والمشاهد العادي يستعجب من التكلفة الكبيرة للدخلات واللوحات الفنية التي يقدمونها في بداية المباريات كذلك الأعلام الضخمة واللافتات التي تزين الاستادات حاملة شعارات الأندية والمجموعات، علي عكس كل أنواع مجموعات التشجيع لا تتلقي الألتراس تمويلا مباشرا من أنديتها أو من جهات رياضية، رافعين شعار أنهم ليسوا للبيع ولا ينتمون لأشخاص بل ينتمون لكيان واحد - ناديهم - ولا يشجعون غيره، معتبرين تقديم الأموال أحد أساليب التعبير عن الحب والمساندة لناديهم. وتعتمد مجموعات الالترا علي التمويل الذاتي من خلال أفرادها الذين يشتركون في دفع تكاليف الأعلام واللوحات الفنية قبل المباريات يساعدهم في ذلك إنتاج بعض المنتجات المفيدة للمشجعين كالفانلات والجواكت والكوفيات والاسطوانات التي تحتوي علي اغاني المجموعة والتي تساعد حصيلة بيعها في الإنفاق علي الدخلات واللوحات الفنية والأعلام العملاقة التي تستخدمها الألتراس.

وتعتبر هذه الحملات وثقافة الألتراس بوجه عام إحدي الأسباب الخفية في هجوم وسائل الإعلام المختلفة علي مجموعات وفكر الألتراس الذي يتعارض بشكل أو بآخر مع مصالح القنوات الفضائية وما تقدمه من تحليل قبل وبعد المباريات والتي تجني عن طريقه أرباحا خرافية مستغلة شعبية كرة القدم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق