سؤال: ما هي أهم الاعياد العهد القديم
؟
(عيد الفصح
– عيد الفطير
- عيد باكورة الحصاد
- عيد الخمسين
- يوم الكفارة
- عيد المظال
– عيد الأبواق
- العيد الأسبوعى
- العيد الشهري
- سنة العطلة
- سنة اليوبيل
- عيد التجديد)..
وما هي رموزها في العهد الجديد؟
*
مقدمة عامة عن الأعياد اليهودية:
كلمة "أعياد" هي في الحقيقة
"مواسم" أو "مواعيد للمقابلة" بين الله وشعبه، وهي نفس الكلمة المُستعملة في (خر22:25) "وأنا
أجتمع بك هناك".
لذلك فكلمة "عيد" تحمل في العبرية
معنى "الفرح" أو "البهجة".. ولهذا صارت الأعياد عند
اليهود "محافل مقدسة" (لا2:23).
* نظام الأعياد والأصوام
اليهودية:
1- السبت هو السابع في الأيام (خر8:20-11).
2- عيد الأسابيع أو البنتقسطي أو الخمسين
بعد سبعة أسابيع من عيد باكورة الحصاد (لا16:23).
3- الشهر السابع من السنة الدينية له قدسية
خاصة، فهو رأس السنة المدنية، ويُعَيَّد لبدايته كبقية رؤوس الشهور أو كعيد
هلال جديد (عد10:10)، وإنما له احتفال خاص ويدعى عيد الهتاف أو عيد الأبواق
(لا24،23:23).
5- تقديس السنة الخمسين أي اليوبيل، وهي
السنة التي تلي سبع مرات من السنوات السبتية (ى8:25-22).
ثانياً: ظهرت أعياد أخرى تمس
مناسات يهودية هامة كعيد الفوريم (القرعة) الذي أقامته أستير الملكة، وعيد تدشين الهيكل أو عيد التجديد الذي تم في أيام
يهوذا المكابي (سفر المكابيين الأول 56:4-61).
ثالثاً: بالنسبة للأصوام، فبجانب الصوم الفردي
الذي يمكن لكل عضو في الجماعة المقدسة أن يمارسه في أي يوم عدا أيام الأعياد وُجد
الصوم العام الأسبوعي في يومي الإثنين والخميس، بين الفصح إلى البنتقسطى، وما بين
عيد المظال وعيد التجديد. ففي يوم الخميس صعد موسى النبى إلى جبل سيناء، وفي
يوم الإثنين نزل عندما إستلم الشريعة في المرة الثانية.
وقد كانت الأعياد اليهودية تدور في
فلكين أو ثلاثة: الأول يبدأ بذبيحة الفصح حتى يوم الخمسين (وتكرس هذه الفترة
للتفكير في دعوة إسرائيل، والتأمل في حياته في البرية قبل تمتعه بأرض
الموعد). والثاني هو الشهر السابع الذي يشير إلى تملك اسرائيل إلى أرض
الموعد خلال نعمة الله الفائقة. وبجانب هذين الفلكين يظهر يوم الكفارة
العظيم الذي يُحتَفَل به في الشهر السابع. وتظهر أهميته من دعوة الكتاب
المقدس له براحة السبوت أو "سبت الراحة" (لا31:16؛ 32:23).
الأعياد الكتابية، وأهم الأعياد غير
الكتابية عند اليهود
رقم الشهر
|
اسم الشهر العبري
|
ما يقابله من السنة الشمسية
|
اليوم من الشهر العبري
|
الأعياد
|
1
|
نسيان (أبيب)
|
14
|
عيد الفصح وعيد الفطير (خر3:12-20؛
لا6:23؛ تث1:16-8).
|
|
2
|
أيار (زيو)
|
|
|
|
3
|
سيوان
|
6
|
عيد الخمسين أو عيد الأسابيع أو عيد
الحصاد (خر16:23؛ 22:34؛ لا16:23؛ عد26:28؛ أس9:8)
|
|
4
|
تموز
|
17
|
صيام الشهر السابع عشر من تموز (وهو اليوم
الذي دخل فيه الكلدانيون أورشليم) (إر2:39؛ 7،6:52، زك19:8)
|
|
5
|
آب
|
9
|
صيام التاسع عشر من تموز وهو اليوم الذي
كخل فيه الكلدانيون أورشليم) (2مل9،8:25؛ إر13،12:52؛ زك19:8)
|
|
6
|
أيلول
|
|
|
|
7
|
تشري (إيثانيم)
|
1
2
10
15-20
23
|
عيد الأبواق (لا24:23؛ عد1:29)
صيام لمقتل جدليا (2مل35:25؛ إر2:41)
يوم الكفارة (خر10:30؛ لا31،26:23)
عيد المظال (خر16:23؛ 22:34؛ لا34:23؛
عد12:29-38؛ تث13:16)
عيد الشريعة (وفيه يتم نهاية القراءة
السنوية للشريعة)
|
|
8
|
بول
|
|
|
|
9
|
كسلو
|
25-30
|
عبد التجديد (الأنوار) (1مك61:36؛
يو22:10)
|
|
10
|
طيبيت
|
1و2
10
|
عبد التجديد (الأنوار) (1مك61:36؛
يو22:10)
صوم لبدء حصار نبوخذ نصر لأورشليم (2مل1:25)
|
|
11
|
شباط
|
|
|
|
12
|
آذار
|
13
14 و 15
|
صوم أستير (اس16:4)
عيد الفوريم (اس21،17،17:9)
|
كلمة فصح بالعبرية "بيسح Pesah" ومعناها "الإجتياز" أو العبور". وقد
نُقِلَت بلفظها تقريباً أو بمعناها إلى معظم اللغات. فهي في القبطية واليونانية "بصخة Pascha"، وفي العربية "فصح"، وفي الإنجليزية "Pass-over".
# تأسيس الفصح:
كان عيد الفصح يقع في الرابع عشر مساءً أي في ليلة (ونهار) اليوم الخامس عشر من شهر أبيب، ومعناه "شهر الخضرة"،
أو "تكوين السنابل" (خر4:13)، الذي دُعي بعد السبي البابلي
"نيسان" (نح1:2). وكان يعقب أكل الفصح مباشرة، سبعة أيام عيد
الفطير (خر15:12)، والذي كان يُسمى بالتبعية "الفصح" أيضاً (تث2:16؛
مت17:26؛ مر12:14؛ لو1:22). لأن عيد الفصح يقع في اليوم الأول من عيد
الفطير.
وكان كلاهما يرتبطان إرتباطاً وثيقاً بذكرى
الخروج من مصر.
فالفصح كان تذكاراً لخروج الفصح الي رُشَّ دمه على القائمتين والعتبة العُليا في
كل بيت من بيوت بني إسرائيل، وهكذا نجا أبكارهم من الملاك المُهلِك
(خر12و13). أما الفطير فكان تذكاراً للفطير الذي أكلوه في أيامهم الأولى
–بعد عبورهم البحر الأحمر- من العجين الذي أخذوه معهم من مصر إذ كان لم يختمر
(خر39:12). وهو أول عيد يفرضه الرب للإحتفال به "فريضة أبدية"
(خر14:12). ليتذكروا ليلة خروجهم وخلاصهم من العبودية في أرض مصر، وكانت تلك الليلة
هي ختام السنة 430 من تغريب إبراهيم (تك14،13:15؛ خر42،41:12).
وقد كان عيد الفصح هو بداية تقويم جديد
لليهود، حيث أصبح لديهم تقويم مدني (شهر تشرين/أكتوبر)، والآخر ديني تبعاً ليوم
عيد الفصح.
# الرمز:
والرب نفسه هو الذي رسم نظام ذبيحة الفصح
بكل دقة وعناية لكي تكون رمزاً وإشارة ونبوءة مصوَّرة بحب عجيب لما سوف يتم في ملء
الزمان من ذبح الحمل الإلهي وأكله وسِفْك دمه كفّارة وخلاصاً لكل مَنْ يؤمن
به.
وهكذا بدأ إستعلان يوم الصليب والخلاص بدم المسيح
والإتحاد به، مبكراً جداً هناك في "مصر حيث صُلِبَ
ربنا أيضاً" (رؤ8:11).
نعم، هكذا يقول سفر الرؤيا
مشيراً بالروح إلى الفصح الذي تم في مصر كأول إعلان عما أضمره الله القدير في
نفسه، الذي حقَّقه أخيراً في ملء الزمان خارج أبواب أورشليم. لذلك كان خروف
الفصح في تفاصيل طقسه يحمل إشارات جليّة للفداء.
ومن ناحية إعتبار عيد الفصح هو بداية تقويم
جديد، فهذا كذلك يوضح الأمر الإلهي بأن خلاص الإنسان هو بداية لتاريخه وتحرُّره من عبودية إبليس بتوسط
دم الحمل الإلهي.
ولكن العجيب أن هذا الشهر الذي تبدأ به
السنة الجديد لا يبدأ بالفصح مباشرة؛ بل يجيء الفصح في اليوم الرابع عشر من هذا
الشهر! ولم يأت هذا الأمر إعتباطاً، بل لكي يصل تطابق الأصل على المثال إلى
أقصاه.
فبما أن حمل الفصح كان مثالاً للمسيح، فإن
مجيء المسيح إلى أرضنا هو الذي أنشأ تقويماً جديداً لنا وليس صَلبه. لذلك
فإن ميلاد المسيح هو الذي يبدأ به تقويم عهدنا الجديد (التقويم الميلادي)، أما صلبه فكان بعد أن أكمل إستعلانه لذاته
وأتمّ رسالته متدرجاً في ذلك من يوم ميلاده كطفل إلى أن إستعلن مجده كاملاً بالصلب والقيامة. وكأن حياته على
الأرض تمثلها دورة القمر الذي بدأ هلالاً يبزغ في وسط ظلمة الليل الدامِس، ثم يكبر
قليلاً إلى أن يكتمل بدراً مضيئاً بعد دورة تستغرق أربعة عشر يوماً!!
وقد كان يتم إختيار خروف الفصح بحسب
المواصفات التالية مثل السيد المسيح كذلك: بلا عيب – ذكراً – إبن سنة (حولياً).
وكلمة إبن سنة تشير إلى أنه شاب ليس فيه ضعف الشيخوخة..
ومثلما حدث مع المسيح عندما تجمهر حوله
اليهود، كان يجب على خروف الفصح أن "يذبحه كل جمهور إسرائيل في العشية"
(خر6:12).
أطلق المسيحيون الأوائل على عيد القيامة اسم "عيد الفصح"، بل وأطلقوا كلمة
"فصح" على "مائدة الإفخارستيا" أو "عشاء الرب"، إعتماداً
على الآية: "شهوة إشتهيت أن آكل هذا الفصح" (لو15:22). وفي القرن
الثاني المسيحي كانوا يطلقون على "مجيء الرب" لقب "فصح الرب".
بمغيب شمس اليوم الرابع عشر يبدأ عيد الفطير
وهو اليوم الخامس عشر من شهر نسيان. ويشتق اسمه من الكلمة العبرية
"مصوت Mazzot" ويُسمى في الكتاب "خبز المشقة" (تث3:16).
كان يبدأ في ليلة الفصح نفسها ويستمر سبعة
أيام، فيها يأكلون فطير وهو الخبز الوحيد الذي كام مسموحاً به طيلة الأسبوع.
والأصل في أكل الفطير أن يكون نوعاً من التشهيل وتعبيراً عن خلاص الله السريع، إذ
إضطروا للخروج من مصر وحملوا عجينهم قبل أن
يختمر ووضعوه في ثيابهم (خر34:12).
كان عيد الفطير يأتي بعد الفصح مباشرة؛ لأنه
هو نتيجة له! ويهمنا أن نشير هن أن فطير العهد القديم
لا يشير إلى الإفخارستيا، بل إلى الدخول في الإيمان المسيحي؛ حيث أنه يمثل الميول الداخلية الخالية من الشر
والخبث (الخمير) للمعمدين الجدد.
إرتبط هذا العيد بعيدي الفصح والفطير من
جانب، وبعيد الخماسين من جانب آخر، إذ يُحتفَل به خلال أيام الفطير بينما يأتي عيد
الخمسين بعده بسبعة أسابيع (لا15:23)، أي في اليوم الخمسين منه.
كان هذا العيد يوافق بوادر حصاد الشعير،
لأنه كان ينضج قبل الغلات الأخرى. ومع أن الحصاد كان يبدأ بالغالب في عيد
باكورة الحصاد بمدة، لكن كان عليهم أن يأخذوا حزمة من المحصول قبل أن
يحصدوه. ويأتوا بها إلى الكاهن ليرددها أمام الرب حتى يكونوا مبكرين دائماً
في إكرام الرب وفي عمل الخير.. (لا10،9:23).
إن حزمة الشعر التي كانت تُقدَّم، إنما تشير
إلى ربنا يسوع المسيح
القائم من بين الأموات..
كانت هذه الحزمة هي باكورة الحصاد، والمسيح القائم من بين الأموات هو باكورة
الراقدين (1كو20:15).
كان يقع بعد خمسين يوماً من عيد باكورة
الحصاد، يوم تقديم حزمة الترديد أمام الرب. كانت تُطلَق عليه عدة أسماء: فقد
سمي بالعبرانية "هجشبعوت" (حيت كلمة "حاج" تعني عيد،
و"شبعوت" تعني السبوعات أي الأسابيع). أي عيد الأسابيع (خر22:34؛
لا15:23؛ تث10:16؛ 2أخ13:8).
أما تعبير العهد الجديد
"يوم الخمسين" (أع1:2؛ 16:20) فيشير إلى التحديد الحسابي لموعد العيد،
فالعيد يقع يوم "البنتقسطي" أي في اليوم الخمسين بعد حصاد الشعير في يوم
الفصح.
وقد كان عيد الخمسين طبقاً لتقليد الربيين
في التلمود هو عيد الإحتفال السنوي بتذكار تسليم الشريعة في سيناء (عيد البهجة
بالناموس).
أما بالنسبة لطقس العيد، فهم ما يتسم به هذا
العيد هو صنع "رغيفين من عجيب مختمر" ومملحين (لا17:23). ويرى
البعض أن "الرغيفين" يمثلان اليهود والأمم الذين تكونت فيهما كنيسة العهد الجديد (أف14:2-16).
وقد كان عيد الخمسين الذي إحتفل به اليهود
بعد قيامة المسيح يعتبر من وجهة نظر المسيحية عيد خمسيني لليهود، وهو في نفس الوقت
أول عيد خمسينى (عنصرة) مسيحي.
لقد أصبح يوم الخمسين بعد قيامة الرب
تذكاراً لحلول الروح القدس على التلاميذ في العلية في نفس يوم الخمسين اليهودي
القديم، حيث يذكر سفر أعمال الرسل أنه في هذا اليوم تم هذا الحدث الجليل في تاريخ
البشرية "ولما حضر يوم الخمسين.." (أع1:2).
ويرى آباء الكنيسة أن رقم 50 يرمز للغفران؛
حيث أنه يتكون من رقم 7 متضاعفاً سبع مرات مع إضافة يوم واحد.. فرقم 7 هو رقم
الكمال، واليوم المضاف هو أيضاً رقم الكمال. ولكنهم يرون أن هذا اليوم المضاف
هو اليوم الثامن octave الذي قام فيه المسيح،
والذي يرمز أيضاً إلى القيامة في الحياة العتيدة..
والقديس إبيفانيوس أسقف قبرص يقارن بين تقديم اليهود قديماً لباكورات ثمار حصاد
حقولهم وبين تقديم المسيح جسده بدخوله إلى داخل السماء كباكورة ثمار للطبيعة
البشرية المُفتداة بالصليب. وهو نفس ما يقوله القديس كيرلس الإسكندري.
ويقارن القديس يوحنا ذهبي الفم
بين ما يتم في هذا اليوم حيث فيه المنجل عمله في الحصاد، وبين بدء خروج التلاميذ للكرازة بعد حلول الروح القدس عليهم.
والقديس باسيليوس رئيس أساقفة الكبادوك يربط
بين يوم البنتقسطي وبين يوم الدهر الآتي الذي لا ينتهي..
إسمه في العبرانية "يوم ها –
كبور"، وكان بنو إسرائيل يحتفلون بهذا العيد في اليوم العاشر من الشهر السابع
من سنتهم الدينية المقدسة. وكان لأهميته أن علماء التلمود أسموه
"اليوم"، لعله كما جاء في (عب27:7). وتظهر أهميته أيضاً في دعوته
"سبت عطلة" (لا32:23)، أو "سبت راحة" وكأن فيه تتحقق الراحة
التامة بكونه "عيد الأعياد".يوم الكفارة العظيم هو اليوم الوحيد على مدار السنة، الذي يدخل فيه
رئيس الكهنة إلى قدس الأقداس -الذي يرمز إلى السماء- للتكفير عن
خطاياه وخطايا الشعب أيضاً.. بعد ممارسة طقس طويل ودقيق وإستعدادات ضخمة حتى
لا يُحسَب مقتحماً للموضع الإلهي ويموت. هذا العجز سره ليس إحتجاب الله عن
شعبه كهنته، إنما هو ثمر طبيعي لفسادنا البشري الذي أعاقنا عن اللقاء مع القدوس.
كان الأمر يحتاج إلى تغيير جذري في طبيعتنا
الفاسدة حتى تقدر خلال الدم الثمين أن تخترق الحجاب الذي إنشق بالصليب وتدخل إلى
الأقداس الإلهية تنعم بمعاينة المجد الإلهي والإتحاد مع الله. هذا ما تحقق بالمسيح يسوع ربنا
رئيس الكهنة الأعظم الذي دخل بنا إلى مقدسه السماوي، قدس الأقداس الحقيقي.
فطقس يوم الكفاره بكل دقائقه هو ظل لعمل السيد المسيح الذي شق حجاب الهيكل ونزع
العداوة بين السماء والأرض، وصالحنا مع أبيه القدوس (عب1:9-12، 24-28).
لم يكن ممكناً لرئيس الكهنة أن يدخل إلا من
خلال الذبيحة (لا3:16)، يلزمه أن يكفِّر عن نفسه كما عن الشعب. كان رئيس
الكهنة محتاجاً إلى دم آخر يشفع فيه وفي أخوته الكهنة وبنيه حتى يقدر أن يدخل قدس
الأقداس، أما ربنا يسوع المسيح فقدم دمه هو عنا إذ لم يكن محتاجاً إلى تكفير.
كان يوم الكفاره العظيم بالغ الأهمية عند
اليهود حتى أنهم ظلوا يحتفلون به حتى بعد تدمير الهيكل في عام 70 م وإنتهاء نظام
الذبائح.
* غايته:
كفارة في العبرية "Kapporeth" تعني "تغطية" أو "ستر"؛ إذ في هذا
اليوم تغفر الخطايا ويُستَر على الإنسان بالدم الثمين.. وهذه الخطايا التي
تُغفَر هي الخطايا التي بين الإنسان والله، أما الخطايا التي بين الانسان والإنسان، فلن تغفر ما لم
يتصالح الإنسان مع أخيه.
وكان الإستعداد لهذا اليوم يكون عن طريق صوم
جميع الشعب من الغروب إلى الغروب، وكان رئيس الكهنة وحده هو الذي يقوم بخدمة ذلك
اليوم في طقس طويل، مع التبخير بأيادي البخور،
وكان يتم تقديم بعض الذبائح الخاصة بهذا اليوم تبلغ بجملتها خمسة عشر ذبيحة.
وكان يوم الكفارة يتكرر سنوياً، زذلك دلالة
على أن مشكلة الخطية كانت لا تزال قائمة (عب4:10). وكانت تلك الذبائح ترمز
إلى ذبيحة المسيح الواحدة التي فيها الحل النهائي للمشكلة، وهي التكفير الكامل عن
خطية الإنسان.. وفي ملء الزمان جاء المسيح "ليبطل الخطية بذبيحة
نفسه" (عب26:9)، ولكي يصبح المؤمنون "مقدسون بتقديم جسد يسوع مرة
واحدة" (عب10:10)، وأنه "بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين"
(عب14:10)، وإنه "بدم نفسه، دخل مرة واحدة إلى الأقداس، فوجد فداء
أبدياً" (عب12:9).
ومن الجدير بالذكر أن بركات الكفارة كانت لا
تقتصر على اليهود وحدهم بل على الغريب (لا29:16).. وبركات ذبيحة المسيح
"إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون. لأنه لا فرق.. متبررين مجاناً
بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح، الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه"
(رو22:3-25).. إن كفارة المسح هي للخليقة كلها (كو20:1).
ولعله من المفيد أن نذكر أن التقليد اليهودي
يذكر أن يوم الكفارة العظيم هو اليوم الذي أخطأ فيه آدم وتاب. وهو اليوم
الذي إختُتِنَ فيه إبراهيم -كعلامة للعهد مع الله بالدم- وهو اليوم
الذي عاد فيه موسى من الجبل وكفَّر عن خطية الشعب الذين عبدوا العجل الذهبي.
هو ثالث الأعياد السنوية الكبرى التي كان
يجب فيها على كل ذكر في إسرائيل أن يتراءى أمام الرب في الموضع الذي يختاره
(تث16:16)، ويُعرَف بالعبرانية "سُّكُّوت"، وإشتق الإسم من عادتهم في أن
يسكنوا مظالاً أثناء مدة العبادة (لا40:23-42).
وكانت هذه المظال تُنصَب بعد تشييد الهيكل
في أورشليم في ساحات المدينة وعلى سطوح البيوت وأفنيتها وفي دور
أورشليم (نح16:8)، وعلى الحبال المجاورة لأورشليم. وهي مصنوعة من الأشجار
الخضراء الكثيفة وعلى كونه زراعياً في الأصل والجوهر (لا39:23)، فقد إختلط بذكرى
تاريخية وهي إقامة العبرانيين في المظال في البرية (لا43:23؛ عد12:29-38؛ هو9:12).
كان هذا العيد يستغرق سبعة أيام مع يوم أخير
راحة ويُسمة العظيم من العيد (يو37:7). تبدأ في الخامس عشر من شهر
"ايثانيم" الموافق "تشرى"، وهو الشهر السابع من شهور السنة
الدينية، أي بعد عيد الكفارة بأربعة أيام. هذا المقال منقول من موقع كنيسة الأنبا
تكلا.
ومن أهم سماته إتسامه بالفرح الشديد، فقد
عُرف هذا العيد بكثرة الذبائح والعطايا من الأغنياء للفقراء ليفرح الكل
(تث14:16). وكذلك السُكنى في المظال لمدة سبعة أيام يليها اليوم الثامن الذي
يُحسَب عيداً مستقلاً بذاته له طقسه الخاص به ذبائحه ولا يبقى الشعب في المظال
فيه. وكان يتم فيه سكب الماء والإنارة وترنم مزامير الهليل (مزمور 113-118).
ومن الجدير بالذكر أن عدد الذبائح التي تقدم
في هذا العيد أكثر منها في أي عيد آخر، إذ كان يبلغ عددها 189 ذبيحة خلال الأيام
السبعة (عد12:29-40).
وقد تحقق هذا العيد في صورة أكمل وأعمق في
العهد الجديد، حين تجلى السيد المسيح على جبل تابور أمام ثلاثة من تلاميذه، وإذ رأى بطرس الرسول الحصاد الحقيقي قد تم إذ ظهر السيد المسيح
في بهاءه وحوله موسى وإيليا، إشتهى أن يقيم عيد مظال لا ينقطع، سائلاً السيد
المسيح أن يصنع ثلاث مظال، واحدة للمسيح وأخرى لموسى النبي وثالثة لإيليا، ليبقى
التلاميذ في هذا العيد أبدياً (مت6:17). لكن السيد المسيح أرسل مظلة سماوية
من عندياته هي "سحابة منيرة ظللتهم" لكي يسحب قلب التلاميذ إلى العيد
الأخروي حين يأتي السيد على السحاب لا ليقيم لهم مظال أرضية، بل ليدخل بهم إلى حضن
أبيه.. وقد دعى رب المجد الحياة الأبدية "المظال الأبدية"
(يو9:16).
ويؤكد وصف زكريا النبى لليوم الأخير وإهتداء
كل الأمم إرتباطه بعيد المظال "ويكون ان كل الباقي من جميع الأمم الذين جاءوا
على أورشليم، يصعدن من سنة إلى سنة ليسجدوا للملك رب الجنود، وليُعيِّدوا عيد
المظال" (زك16:14).. ويؤيد ما جاء في سفر الرؤيا
عن المتسربلين بثيابٍ بيض وفي أيديهم سعف النخل، أن عيد المظال يرمز إلى نهاية
العالم ومجيء المسيح الثاني: "بعد هذا نظرت وإذا جمع كثير لم يستطع أحد أن
يعِدّه من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة واقفون أمام العرش وأمام الخروف
ومتسربلين بثياب بيض، وفي أيديهم سعف النخل. وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين:
الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف". (رؤ10،9:7).
هو عيد بداية السنة المدنية، وبداية الشهر
السابع من السنة الدينية، وأهم ما يمتاز به هو "الهتاف"، حيث يحتفل
اليهود بالهتاف في الأبواق، لهذا دُعي "عيد الهتاف" أو "عيد الابواق"، والكلمة العبرية
"تروعة"، قد تعني إما "هتاف" الشعب، وإما "قصف"
البوق، أو كليهما معاً. هذا اليوم وهو أول "تشرى" يسميه اليهود
"روش هشنه" أي رأس السنة. إنه أول السنة الزمنية، يوم رأس
السنة. وقد سمى في عصر الهيكل الثاني وما بعده بـ"عيد السنة
الجديدة"، ويعتبر الحاخاميون هذا العيد "عيد ميلاد العام".
وكان الكهنة هم الذين يبوقون في الأبواق في
الخدمات المقدسة وفي المواسم والأعياد بالأبواق المصنوعة من الفضة، أما في عيد
الكفارة فكان البوق من قرن الكبش. وكذلك في عيد الأبواق لم يكن البوق الذي
يُستعمل هو البوق الفضي المنصوص عنه في (عد2:10-10)، بل "الشوفار" أي
قرن الكبش (يوبل)، وهو عبارة عن قرن خروف أحيط فمه الذي نفخ فيه بالذهب.
ويقولون أنه كان يذكرهم بالخروف الذي أعده الله لإبراهيم فقدمه عوضاً عن إسحق إبنه (تك13:22). وقد كان الكهنة
يبوقون داخل الهيكل على الذبائح أو خارجه في باقي الأعياد والمحافل، أما عيد
الأبواق فكان الكهنة يبوقون من غروب الشمس من اليوم السابق للعيد إلى
شروقها. ويقول المعلمون أنهم كانوا يبوِّقون ثلاثين مرة متوالية. بل
كان مُصرحاً لكل أفراد الشعب أن يبوقوا في أنحاء البلاد إعلاناً عن العيد
وإبتهاجاً به. إلا إذا وقع العيد في يوم السبت، فعندئذ لا يصح الهتاف بالأبواق
إلا داخل الهيكل، وكان هدف الهتاف بالأبواق دعوة اليهود ليستعدوا للحضور أمام
الرب، لذلك قال: "عطلة تذكار عتاف البوق محفل مقدس" (لا24:23).
أما غاية هذا العيد فهو:
1- بدء السنة الجديدة، وكأنه عيد راس السنه.
2- تقديس العام كله بكونه الشهر السابع
(دينياً) هو بكر الشهور، فيه تُقام أعظم الأعياد.
3- يرى البعض في هذا العيد إعداداً للشعب
للإحتفال بعيد الكفارة في منتصف الشهر حين يبلغ القمر كماله، فتنعم الكنسة بكمالها
خلال كفارة الصليب.
4- تذكار الشريعة التي رافقتها أصوات الرعود
والبروق.
وكانوا يقدمون في هذا العيد محرقة الصباح
ومحرقة المساء الدائمة، وقرابين رأس الشهر (الهلال) عبارة عن محرقة من ثورين وكبش
وسبعة خراف حولية وتقدمتها والسكيب، وذبيحة خطية تيس من الماعز، ومحرقة ثور وكبش
وسبع خراف حولية، وذبيحة خطية تيس من الماعز خاصة بالعيد.
هذه الابواق كانت ترمز للبوق الأخير في
القيامة العامة (مت31:24)، وكذلك عندما يبوق الملائكة في مجيء المسيح الثاني (1كو52:15)..
فقد كان هذا العيد يرمز إلى نهاية العالم.
وكما كان صوت البوق في القديم يدعو الشعب
أمام الرب عند باب خيمة الإجتماع، هكذا مختاروه سيُجمعون بصوت البوق في يوم ظهور
الرب (مت31:24؛ 1تس16:4؛ رؤ2:8).
الأصل العبري "شبت" "Shabbat" مأخوذ من الفعل "شَبَتَ" ومعناه "يتوقف" أو
"يستريح".
وأصله هو من سفر التكوين حين إستراح الله في اليوم السابع (تك3،2:2؛
خر9:20-11). وفي الوصايا العشر يقول الرب: "إذكر يوم السبت
لتقدسه" (خر8:20)، مما يدل على أنه كان معروفاً من قبل ولكنه نُسيَ أو أهمل.
وقد كان السبت أمراً مختصاً بشعب إسرائل،
وجزءاً هاماً من العهد الذي قطعه الله مع إسرائل في سيناء. كما أن حفظ السبت
علامة ولاء بني أسرائيل للرب (خر13:31؛ نح14:9).
* السبت في الشريعة الموسوية:
(خر8:20-11؛ 27:16-29؛ 3:53؛ 14:31؛ 29:16؛ تث12:5-15؛ عد32:15-36؛ 5:35؛ أع1:12).
وقد كان اليهود يتطلعون إلى السبت بفرح
وبهجة (2مل23:4؛ إش14،13:58)، وكان حرمانهم من الإحتفال بالسبت في السبي عِقاباً
لهم من الله (مرا6:2؛ هو11:2).
وكان السبت يبدأ من غروب يوم الجمعة ويستمر
حتى غروب السبت. قم يصل الكهنة الذين عليهم نوبة العمل في الأسبوع الجديد
إلى أورشليم بعد ظهر الجمعة ليستعدوا للإحتفال بالسبت في الهيكل مع
الكهنة الذين تنتهي نوبتهم. ويعلن عن الإحتفال بثلاث نفخات من أبواق الكهنة
ليتوقف الكل عن العمل يُشعَل مصباح السبت، ويرتدي الكل ملابس العيد.
في هذا العمل صورة رمزية لرجال العهد الجديد
(الكهنة القادمون للأسبوع الجديد)، الذين إلتقوا مع رجال العهد القديم
يتلمسون منهم الأسفار المقدسة والنبوات والعهود وكل ميراث روحي.
مرة أخرى يضرب الكهنة بالأبواق ثلاث نفخات
لإعلان بدء السبت فعلاً، ثم يلقي رؤساء العشائر القديمة قرعة لمعرفة دور كل واحد
منهم في أيام الأسبوع في الخدمة.. وأول عمل يقوم به الكهنة هو تغيير خبز
الوجوه الذي أُعد يوم الجمعة، ثم يقدم الكهنة الخارجون ذبيحة الصباح والجدد ذبيحة
المساء. وتمارس... إلخ.
ثم أخيراً يختتم الإحتفال بعيد السبت بترنم تسبحة موسى الواردة في (خر15) ليعلنوا أن السبت
هو عبور من عبودية فرعون (إبليس) وإنتصار روحي على جنوده للإنطلاق خلال البرية إلى
أرض الموعد أو أورشليم الجديدة.
ويُلاحَظ أن الكنيسة القبطية
لم تلغ كرامة السبت بإعتباره رمزاً للراحة الأبدية. ولذلك تمنع الكنيسة فيه الصوم الإنقطاعي وكل تداريب التذلل (المطانيات وغيرها) بالإضافة إلى يوم الأحد.
إننا في المسيحية نكرم السبت بإعتباره رمزاً، ونعيِّد الأحد لكونه حقيقة
قائمة.
وقد أحاط بالمعنى الحقيقي للسبت الغموض
نتيجة للكمية الضخمة من الأحكام التي وُضِعَت لحِفظه، حتى أصبح حفظ السبت سطحياً
وشكلياً. فكان لابد أن يحدث النزاع بين الرب يسوع
وقادة اليهود حول السبت، وأوضح معنى السبت الحقيقي قائلاً: "السبت إنما
جُعِلَ لأجل الإنسان، لا الانسان من أجل السبت" (مر27:2). وكشف يسوع عن
نفسه أنه "رب السبت" (مت1:12-6)، وقد إختار أن يُقبَر في يوم السبت
ويقوم في فجر الأحد، لكي يقبر حرفية الفكر القديم، مقيماً لنا الأحد سبتاً جديداً
فيه يتمتع الكثيرون بظهور الرب القائم من الأموات (لو34:24؛ يو11:20-18).
وتعرَف أيضاً بـ"رؤوس الشهور أو
الأهلة" (عد10:10؛ 11:28-15)، وكانت مواسم مقدسة يعيدون فيها. وكان
ظهور الهلال يذكرهم بأن الله هو رب الطبيعة ومسيرها بقدرته، وهو الذي خلق الشمس
والقمر والنجوم (تك14:1-18)..
لقد كانت شعوب كثيرة وثنية تعيد أيضاً في
رؤوس الشهور، فأراد الرب أن يصحح أخطاء هذه الشعوب (إش23:66).
وكان بنو إسرائيل
يراقبون ظهور الهلال الجديد في أول كل شهر قمري، وعندما يرونه يعلنون عنه بإيقاد
النار فوق الجبال والأماكن المرتفعة، كما أمرهم الرب بضرب الأبواق على الذبائح في
رؤوس الشهور إعلاناً عنها وإحتفالاً بها (عد10:10؛ مز4،3:81). بإستثناء رأس
الشهر الرابع الذي كان يُعتبر أول السنة المدنية (عيد الأبواق)، وكان يُحتفَل به
إحتفالاً خاصاً (لا24:23).
وقد كان القمر يشغل مكاناً هاماً في حياة
اليهود لأنه هو الذي يحدد لهم مواقيتهم، لأن شهورهم كانت شهور قمرية، تُحسَب بناءً
على دورة القمر. لهذا كان تحديد وقت ظهور الهلال الجديد أمراً بالغ
الأهمية..
وكان يُمتنع في العيد الشهري -كما في السبوت- القيام بأي عمل دنيوي فيما عدا
تجهيز الطعام الضروري (خر16:12)، ويعملون فيها أعمالاً دينية (عد10:10×
1أخ30:23؛ 2أخ4:2؛ عز5:3؛ نح33:10؛ إش14،13:1؛ حز17:45؛ 6:46؛ هو11:2).
وكانت قرابين الرب في رأس الشهور تتضمن
محرقة من ثورين من البقر كبش واحد وسبعة خراف حولية صحيحة، وذبيحة خطية تيس من
الماعز، والمحرقة اليومية الدائمة صباحاً ومساءً، وما يقدمه الشعب تطوعاً من
الذبائح الإختيارية.
ويقول العلامة أوريجانوس: "أي منفعة
للإحتفال بعيد الهلال الجديد؟ إنه يعني إقتراب القمر من الشمس جداً ويتحد
بها. والمسيح هو شمس البر، والهلال يعني كنيسته الممتلئة من نوره،
تتصل به وتتحد معه بقوة (1كو17:6).
إنها
تحتفل بعيد الهلال إذ تصير جديد بتركها الإنسان العتيق ولبس الإنسان الجديد بحسب
الله في البر والقداسة والحق (أف24:4)"..
إهتم الله بحفظ الإنسان للسبت لتقديس كل
بقية أيام الإسبوع، وبنفس الفكر اهتم بحفظ سبت السنوات أي السنة السبتية أو السنة
السابعة، إذ كانت تُسمى "سبت الأرض" (لا6:25). وقد دعا الوحي
السنه السبتيه بأربعة ألقاب: "راحة الراحة الكاملة" Shebath Shabbathon أو سبت عطلة (لا4:25)، و"سنة الراحة"، و"عتق"
Shenittah (تث9،2،1:15)، و"السنة السابعة" (تث15:9).
أما غايتها فهي إراحة الأرض (لا1:25-7)،
وفرصة ليحصل الفقراء على حاجتهم من الطعام (خر11،10:23)، وكانت تُلغى فيها الديون
(تث1:15-6؛ 10:31)، وكانت روحياً سنة راحة من العمل اليومي للإنشغال بالعمل
الروحي. وكان يتم فيها كذلك إطلاق العبد العبراني حراً (تث13:15-17).
وكانت السنة السبتية تعتبر درساً عملياً في
الإيمان أن الله يبارك في إمكانياتهم ويشبعهم، وأن سر البركة لا في كثرة العمل
وإنما في رضا الله..
في العبرانية "يوبل" Yovel، وترجع إلى كلمة "يبل" بمعنى الكبش وقرن الكبش، وكل قرن
يُنفَخ فيه. وسميت بهذا الإسن لأن إعلان بدئها كان بالنفخ في بوق مصنوع من
قرن الكبش؛ وذلك في اليوم العاشر من الشهر السابع "تشري" أي في عيد
الكفارة بعد الإنتهاء من مراسيم الكفاره.
وكما يقدس الإنسان اليوم السابع ليبارك الرب
كل أيام الأسبوع، والشهر السابع ليبارك كل الشهور، والسنة السابعة ليبارك الست
سنوات الأخرى، فإنه يقدس أيضاً السنة الخمسين، التي تأتي كسبت لكل وحدة تتكون من
سبع سنوات، وهي سبت أسابيع السنين، لذلك يعتبر هذا العيد "اليوبيل" هو
كمال النظام السبتي، وضعه الرب لشعبه وكانت تقع كل خمسين سنة.
وقد ذكر هذا العيد في مواضع أخرى في الكتاب المقدس
(لا17:27؛ عد4:36؛ حز17:46). ولقد كانت سنة اليوبيل سنة راحة (لا25:11)..
إن كان الله يطالبنا بالعمل لكننا في العمل
إنما نتكىء على بركة الرب نفسه واهب الخيرات. وكون الإحتفال يبدأ على أثر
يوم الكفارة العظيم، فهذا له مغزى عظيم إذ أنهم بعد أن تحققوا أن الله غفر لهم
خطاياهم وأبرأهم من ديونهم يأخذون في إبراء مدينهم مما لهم عليه من الدين.
ويبدو أن التشريع المتعلق بسنة اليوبيل، لم يمارس بالدقة والكيفية التي ذُكِرَ
فيها في (لا8:25-22؛ إر13:34-17).
لقد كانت سنة اليوبيل رمزاً إلى شريعة
المسيح التي حررتنا من عبودية الجهل ورد إلينا ميراثنا السمائي.
هو العيد الذي أوجبت أستير الملكة ومردخاي
اليهودي، أن يعيِّده جميع اليهود في كل مكان تذكاراً لإنقاذ الرب لهم من مؤامرة
هامان بن همداثا الأجاجي، في فترة حكم الملك أحشويروش والسماح لليهود أن يقتلوا
أعدائهم (راجع سفر أستير). من ثم قرروا الإحتفال سنوياً بذكى اليومين
الذين إنتهت فيهما المذبحة التي حدثت، وهما يوافقان الرابع عشر والخامس عشر من شهر
آذار (شهر مارس)، وأطلقوا عليهما اسم "الفوريم"، وهي كلمة عبرية
في صيغة الجمع مفردها "فور" أي "القرعة" مشيرين إلى القرعة
التي ألقاها هامان لتحديد اليوم الذي يهلك فيه اليهود. فقط تحولت لهم من
أيام "حزن إلى فرح ومن نوح إلى يوم طيب، ليجعلوها أيام شرب وفرح وإرسال أنصبة
من كل واحد إلى صاحبه وعطايا للفقراء" (أس22:9).
ومنذ إنشاء هذا العيد أصبح اليهود يحتفلون
به كل عام، وكانوا يسمونه "يوم مردخاى" (2مك37:15)، وكانوا يصومون طوال اليوم الثالث عشر من شهر أذار ثم في مساء ذلك اليوم
(أول اليوم الرابع عشر) كانوا يجتمعون في المجمع، وبعد خدمة الصلاة المسائية كانوا يقرأون سفر إستير حتى إذا وصلوا إلى إسم
"هامان" كان جمهور المصلين يصرخون "ليُمحَ إسمه" أو
"سيبلى اسم الشرير" بينما يخشخش الأطفال بخشخيشات في أيديهم، ثم يتلون
أسماء أبناء هامان العشرة بسرعة شديدة في نفس واحد للدلالة أنهم صلبوا في وقت
واحد، وفي اليوم التالي كان الشعب يعود إلى المجمع لإتمام فرائض العيد الدينية.
واسمه بالعبرية "حنُّوكا" Hanukkah والتي تعني "التدشين" (أي المسح بالزيت) لذلك دُعي
أيضاً "عيد التدشين"، وباليونانية Egkainia أي التجديد.
ويأتي ذكره في سفر المكابيين الثاني
(2مك1:10-8)، وهو خاص بذكرى إنتصارات المكابيين لمدة ثلاثة سنوات (16-164 ق.م.) إذ
كان أنطيوكس ملك سوريا قد هاجَم اليهودية ودخل هيكل أورشليم وأشاع فيه الخراب ونهب
نفائسه وفرض الديانة اليونانية على الشعب اليهودي، فإعتنقها كثيرون منهم وقد تمرد
متاتيا وخرج مع أبنائه إلى الجبال وأعلن الحرب على انطيوكس. فلما مات خلفه
في زعامة المتمردين ابنه يهوذا الملقب بـ"المكابي". وقد
ظل هذا يقاتل حتى إستطاع الإستيلاء على أورشليم، وهناك وجد الهيكل وقد إلتهمت
النار معظمه ونجَّسوا مذبح المحرقة بإقامة صنم بعل "شاميم"، وإذ لم يجد
يهوذا وسيلة إلى تطهير حجارته من الدنس الذ لحق به حسب الشريعة اليهودية هدمها
وجاء بحجارة جديدة وأعاد بناء المذبح من جديد وقام بتطهير الهيكل.
وقد "أتموا تدشين المذبح في ثمانية
أيام، وقدموا المحرقات بفرح وذبحوا ذبيحة السلامة والحمد. وزينوا وجه الهيكل
بأكاليل من الذهب وتروس ودشنوا الأبواب والغرفات وجعلوا لها مصاريع.. ورسم
يهوذا وأخوته وجماعة إسرائيل كلها أن يُعيَّد لتدشين المذبح في وقته سنة فسنة مدة
ثمانية أيام؛ من اليوم الخامس والعشرين من شهر كسلو بسرور وإبتهاج"
(1مك56:4-61). (ستجد النص الكامل للكتاب
المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا) "كما في عيد المظال..
ولذلك سبحوا لمن يسر تطهير هيكله وفي أيديهم غصون ذات أوراق وأفنان خضر و
سعف" (2مك7،6:10). ويسميه يوسيفيوس "عيد الأنوار" إذا كانت
تُضاء الأنوا في البيوت والمجامع والشوارع، بينما كان اليهود يطلقون عليه إسم
"عيد المكابيين"، ويذكره التلمود كذلك باسم "عيد
النور". وكان نظام الإنارة يبدأ بوضع نور واحد في اليوم الأول، ثم
يضيفون إليه نوراً آخراً كل يوم حتى الثمانية الأيام.
كان اليهود يعتبرون هذا العيد من أهم وأعظم
أعيادهم، وكانوا يجعلون له من أسباب البهجة ما كانوا يجعلون لعيدي الفصح
والمظال، معتبرين أن تجديد الهيكل هو إعادة عودتهم تحت مظلة (خيمة الله)، أو ود
حلول الله وسطهم، كما في أول خيمة في البرية وفي تدشين هيكل سليمان حينما حل الله
ببهائه وملأ الخيمة أو الهيكل. وهذا في الحقيقة كان رمز مجيء الرب بالفعل
وحلوله وسط إسرائيل "عمانوئيل
الذي تفسيره: الله معنا" (مت23:1).
وجاء ذكر "عيد التجديد" في العهد
الجديد كذلك في (يو22:10)، أما العلاقة بين تعالم الرب وبين طقوس هذا العيد
ومعناه، فكانت تتركز في الربط بين آمال اليهود الملتهبة التي تثيرها ذكر إنتصارات
المكابيين وتخليص الأمة اليهودية من أعدائها، وبين موضوع الخلاص الذي ينادي به
المسيح كقائد النور والخلاص الأبدي الذي خلَّص خرافه ودشَّن هيكله بدمه.
وحينما كان يُفتَح باب الخراف في الهيكل
لتدخل خراف العيد للذبائح اليومية، وقف المسيح يقول: "أنا
هو باب الخراف" (يو7:10) للهيكل الجديد، "كما هو مكتوب أننا
من أجلك نُمات كل النهار، قد حُسِبنا مثل غنم للذبح" (رو36:8).
ولا يزال اليهود يحتفلون بهذا العيد حتى
اليوم، فتجتمع الأسرة حول الأب وهو يوقد الشموع
مع صلاة
شكر لله على تحريره لشعبه من الإضطهاد والجور، وتوزع الهدايا والعطايا للأطفال.
منقووووووووووووووول
موقع الانبا تكلا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق